هو الطرف الثانى فى العملية الحوارية وليس شرط أن يكون الطرف الثانى فى العملية الحوارية مخالفا وإنما ربما يكون فقط مستقبل لرسائلك ومستفسر عنها، وفيما يلى نتوقف عند بعض النقاط الواجب الانتباه إليها تجاه الطرف الثانى من عملية الحوار ·
الفصل الأول: من أحاور؟
الأصل أن أحاور الجميع وأتناقش مع الجميع، فالحوار بالتأكيد له فوائد عديدة كما ذكرناها سابقا ولن يخلو أى حوار من تلك الفوائد ولا سيما إثراء الفكر والتعرف لآخرين.
هل أحاور المخالف؟
بالطبع أحاور المخالف حتى وان كان الخلاف عقائديا وليس فكريا فحسب، ومن تتبع آيات القرآن نرى صورا لمثل تلك الحوارات بين الأنبياء والصالحين من جهة ومن جهة أخرى مع قومهم ممن ضلت عقيدتهم وتوجهم، فلم يمنع اختلاف العقيدة حوار الرسول صلى الله عليه وسلم مع كفار قريش أو اهل الديانات الأخرى، بل ونجد فى القرأن فى أكثر من موضع حوارا بين الله عز وجل وإبليس بعد أن خالف إبليس أوامر الله وعصاه.
إذا من هو الذى لا أحاوره؟
ينبغى قدر الإمكان تجنب محاورة صنفين، إلا إذا اقتضت الحاجة لمحاورتهما كوجود متابعين للحوار على سبيل المثال، او كان الحوار فى مجال مناظرة وليس نقاش واقناع واقتناع ..هذين الصنفين هما الجاهل والمجادل.
يجب التفريق بداية بين "الجاهل" و "الأمى" فليس المقصود بالجاهل هو من ليس لديه المعلومات أو قليل المعرفة، فهذا الشخص بالتأكيد لا مانع من الحوار معه، إنما المقصود بالجاهل هو الشخص الصلف الأحمق صاحب العقل المغلق والغير مهتم بمجريات الحياة ومناقشة المواضيع والأفكار من الأساس.ومثل هذا الصنف يكون التعامل معه كما جاء فى القرآن الكريم "وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما". ولكن من أسف شديد نحن أيضا حفظنا هذه الكلمة "سلاما" لفظا ولكننا لم نفهمها معنى. فأصبح كل من يقول حوارا لا يعجبنا أو يستخدم منطقا لا يرضينا، نرد عليه بسرد هذه الكملة "سلاما" فى وجهه، ويكون مقصدنا من ذلك ان نوجه له اهانة بشكل غير مباشر ونخبره بأننا نعتبره جاهلا . رغم أنه إذا فهمنا المعنى من هذه الكلمة ولم نتوقف عند لفظها لعلمنا أن المقصود أن نعامل الجاهل بالحسنى ونحسن إليه ونسلم عليه وفى الوقت ذاته لا نجاريه فى الحديث ولا نضيع الوقت معه.إذا علينا أن نفهم جيدا من هو الجاهل وأن لا نصنف شخصا وفق هذا التصنيف إلا فى أضيق أضيق الحدود، ومن ثم يكون التعامل معه بالحسنى وفق فهم معنى قول الله عز وجل "وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما".ا
لصنف الثانى هو "المجادل" ويختلف المجادل عن الجاهل فى كونه ربما يكون صاحب فكرة ومثقف ومطلع ولديه معلومات وفيرة غزيرة، إلا أنه دائما ما يجادل ويصم أذنه عن صوت الحق حتى لو ظهر جليا، ويرفض الاعتراف والتسليم مهما بلغت أدلة محاوره وإقناعه، ويظل يناقش يجادل لأجل الجدال وليس لأجل الوصول للحقيقة. وهذا الصنف ربما علينا أن نحاوره مرة نقدم فيها ما لدينا من آراء ودلالات، ولكن لا نكرر معه الحوارات ونحن نعلم سلفا انه ليس من ورائها طائل وليس منها نتيجة، إلا أن يكون هناك أطراف اخرى من المتابعين ستسفيد من مثل هذه الحواراتيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "قال الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام: ( من ترك الجدال وهو على حق كانت له الجنة)
ومن باب أولى أن لا تكون انت بذاتك مجادلا يقول الإمام البنا : " وأقبلوا علي القرآن تتدارسونه ، وعلي السيرة المطهرة تتذاكرونها ، وكونوا عمليين لا جدليين ؛ فإذا هدي الله قوما ألهمهم العمل ؛ وما ضل قوم بعد هدي كانوا عليه إلا أوتوا الجدل"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق